لقد انتشر العنف مع المرأة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مما ينم عن واقع مؤلم تعيشه أغلب المجتمعات بنظرتها الدنيئة للمرأة وتجاهل الدور الفعال الذي تقوم به في بناء المجتمع والأجيال، فهي الأم والزوجة والأخت والأبنة المرافقة للرجل في جميع نواهي الحياة، لذا لابد من التصدي لتلك الظاهرة البشعة التي تعود على المجتمع ككل وليس على المرأة فحسب.
ما هو العنف ضد المرأة ؟
لقد جاء العنف ضد المرأة في صورة أساليب تتميز بالعنف الشديد والتعصب للجنس ذاته، حيث يمارس هذا التعصب ضد المرأة مما يعود بالأذى النفسي والمعنوي عليها، ومن ثم يحرمها من حقوقها ويتحكم فيها بشكل يجعلها كائن مهمل لا أهمية له في تلك الحياة.
أفعال العنف ضد المرأة من أبشع الممارسات التي تنتهك حقوقها والتي تعيق حريتها وتمنع احتلالها لمكانة مرموقة وحصولها على الحقوق الشرعية التي شرعها الله سبحانه وتعالى لها، ناهيك عن تلك الآثار العنيفة التي تمتد بشكل أساسي لكافة أفراد المجتمع وليست المرأة فقط.
أشكال العنف ضد المرأة
هناك باقة من أشكال العنق ضد المرأة، حيث أن الأمر أخذ تعددًا رهيبًا وبشكل مخيف، بدأ يتفاقم ويظهر بشكل جلي في السلوكيات والتصرفات متعددة الأشكال كما يلي:
- العنف الجسدي: والذي يعد من الأشكال الأكثر انتشارًا بين النساء، حيث يتم استخدام التعدي الجسدي عليها بالضرب والأذى وترك آثارًا مبرحة عليها.
- العنف النفسي: حيث يعتبر امتداد للعنف الجسدي، فمن البديهي أن المرأة المتعرضة للعنف الجسدي يعود عليها الأمر بالإيذاء النفسي، من فرط ما تعرضت له من آثار جسدية مؤلمة في الجسد والنفس معًا على حد سواء.
- العنف الحسي: حيث تبدأ المرأة مع تعرضها الدائم للعنف بفقد مكانتها وثقتها بنفسها، مما يترتب عليه اصابتها بالحالة النفسية الحرجة التي تمدها بالاكتئاب والانطواء والخوف من مواجهة المحيطين، كما أن هذا يرسخ في ذهنها أنها ليست ذات قيمة في المجتمع التي تعيش فيه.
- العنف اللفظي: له تأثير قوي ومؤثر مثله مثل الأشكال الأخرى من العنف، فاستخدام عبارات غير لائقة والتعدي عليها في الأماكن والمرافق العامة له تأثير سلبي عليها يحقر من شأنها وسط المحيطين.
- العنف الاقتصادي: حيث أن المرأة التي تتعرض للإيذاء والعنف بجميع أشكاله، لابد وأن تشعر أنها غير قادرة على تحقيق ذاتها ماديًا، فهي تابع دائمًا وليست الأصل، لا يمكنها اتخاذ القرار ولا ابداء رأيها في أي أمر من أمور الحياة.
شاهد أيضًا: ما هي الشخصية النرجسية ؟.. إليك التفاصيل الكاملة عنها وطريقة العلاج
أبرز الأسباب وراء ممارسة العنف ضد المرأة
لم يأتي العنف ضد المرأة من فراغ، بل جاء وليد العديد من الأسباب الهامة التي يجب أن نتعرف عليها محاولين انقاذ ما يمكن إنقاذه، والسيطرة على هذه الظاهرة السيئة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومن أهم الأسباب ما يلي:
- المرأة ذاتها تعد من أبرز أسباب تفشي ظاهرة العنف ضدها في العديد من المجتمعات: حيث أنها تقبلت هذا الوضع بكل ما به من مساوئ مما جعل التمادي في الأمر أصبح عاديًا، فليس هناك رادع لتلك الظاهرة.
- ثقافيًا: الجهل وعدم السعي وراء التعلم والمعرفة، من أحد الأسباب وراء هذا العنف، حيث الجهل بدور المرأة وكيفية التعامل القويم معها، واحترام واجباتها وحقوقها، ليس فقط من تجاه الرجل ولكن من تجاه المرأة معه، التي تجهل هي الأخرى ما لها من حقوق وواجبات لابد أن تحترم.
- المستوى الثقافي المتدني لدي الكثير من الأسر: واختلاف مستوى الثقافة الفكرية بين الزوجين ربما يكون سببًا رئيسيًا وراء العنف ضد المرأة، حيث القلق وعدم التوازن، الذي ينجم عنه العنف كرد فعل طبيعي، من خلاله يحاول الطرف الضعيف الذي عادة ما يكون الرجل في تلك الحالة بتعويض ما يشعر به من نقص متمثلًا في صورة العنف والضرب والتعنيف الدائم للتقليل من شأنها.
- العادات والتقاليد التي ترسخت منذ القدم في الأذهان والتي تحمل بداخلها الجهل والتمييز بين الجنسين: حيث جرت العادة على التحقير من شأن الأنثى على حساب الذكر، فقد يمنح المجتمع كل التقدير والاحترام للذكر، والحرص على أن تكون المرأة مُعنفة على الدوام.
- أسباب تربوية: الفرد الذي ينشأ في أسرة تحت ضغوط، يتولد لديه ميول عدوانية عنيفة، ربما يطبقها دون وعي مع المرأة التي عادة ما تكون الضحية الأولى لتلك العادات السيئة، فغالبًا ما تتعرض الأم للتعنيف الدائم من قبل الأب، شاعرًا بأن هذا الأمر يعلي من شأنه ويعطيه وضعه كرب الأسرة وقائدها.
- أسباب اقتصادية: الظروف المادية الصعبة التي تمر بها كافة الأسر الآن، باتت وراء العنف ضد المرأة من خلال التضخم المعيشي والأعباء التي تنعكس على كافة أفراد الأسرة وبشكل أدق على المرأة، حيث أن الحق كل الحق للرجل في التصرف في النواحي المادية دون المرأة التي لا تملك تلك السلطة، وإن طلبت هذا يكون نصيبها العنف والايذاء.
- الأسباب البيئية: الزحام والتكدس البيئي ومشكلة التضخم السكاني كان لها أثر بالغ في العنف، حيث أن الأمر بما يشهده من تفاقم سريع أصبح محبط للغاية للأفراد والمجتمع ككل، مما لا يساعد على إعطاء المرأة حقها في اثبات ذاتها من ضعف الإمكانيات وعدم إيجاد فرص عمل يمكنها المشاركة فيها كعنصر فعال في المجتمع.
- تسلط الحكومة من الأسباب واسعة النطاق التي كانت سببًا أساسيًا في توسيع دائرة العنف ضد المرأة: من خلال تأييد القوانين التي تنصر الرجل على المرأة، بما يهدر حقها في الحصول على حقوقها ضده.
من الجدير بالذكر أن اختلاف وتنوع الأسباب وراء انتشار ظاهرة العنف كانت سبب في كثرة النساء المتضررات، خصوصًا في الأعمار المتوسطة ما بين الخامسة عشرة والخامسة والأربعين من العمر ليس داخل مصر فقط بل في مختلف أرجاء العالم تبعًا لأحدث تقارير أصدرتها منظمة الصحة العالمية.
الآثار السلبية للعنف ضد المرأة
هناك عدد من الآثار السلبية التي تعود على المرأة ذاتها جراء تعرضها للعنف الدائم من قبل المحيطين بها والمجتمع ذاته، ومنها ما يلي:
- الآثار الاجتماعية: ربما تصل المرأة بسبب ما تتعرض له من عنف واضطهاد ‘لى الانعزال عمن حولها وعن العالم المحيط بها، بالإضافة إلى تقلص مشاركتها في أي نشاط أنثوي بشكل كبير، بما يجعلها عضو خامل في المجتمع يفقدها الفرصة في الحصول على استقلاليتها المادية.
- الآثار الصحية: هناك العديد من الأمراض التي غالبًا ما تترتب على الايذاء النفسي الذي تتعرض إليه المرأة بسبب توقيع العنف عليها، منها الإصابة بالصداع والأمراض المزمنة والاضطرابات في الجهاز الهضمي والقولون العصبي، هذا بالإضافة ما يمكن أن تتعرض له من خلال الايذاء البدني أثناء نوبات العنف.
- الآثار النفسية: الاكتئاب من أبرز الآثار النفسية التي تتعرض لها المرأة بسبب العنف، مع عدم القدرة على النوم وتناول الطعام، وغيرها من الآثار السلبية، حتى أن الأمر يمكن أن يشهد تفاقمًا كبيرًا إلى أن يصل بها إلى حد الانتحار للتخلص من العنف الواقع عليها.
علاج العنف ضد المرأة
كما ذكرنا أن الآثار المترتبة على العنف ضدها لا يؤثر عليها سلبًا بمفردها، بل يؤثر على الرجل أيضًا بل والمجتمع ككل، لذا كان من الضروري وضع حلولًا جذرية لإنهاء تلك المهزلة المجتمعية والتصدي لهذا النوع من العنف، ومن أبرز الحلول المقترحة للعلاج ما يلي:
تغيير الثقافات المجتمعية
نشر الوعي بين أفراد المجتمع وتغيير العقائد المترسخة في أذهان البعض عن فكرة تعنيف المرأة طوال الوقت، ولكن هذا الأمر يحتاج لبعض الوقت وليس بالسهولة المتوقعة، كما يجب أن تكون هناك خطط ممنهجة اجتماعيًا وتنمويًا للحد من تلك الآثار السلبية، كما أن للدولة دور هام وفعال والتي تتجسد في الاعلام والرجال الدين والمؤسسات الأهلية في تحقيق الاتزان المجتمعي بين الرجل والمرأة، والاشادة بدورها الهام في المجتمع.
دور المناهج الدراسية
حيث أنها تعمل على استكمال الدور الذي يقوم به المنزل في تربية الطفل ونشأته النشأة القويمة، هذا بالطبع ذو تأثير فعال في تشكيل شخصيته التي تخلو من العنف والرغبة في الايذاء، مع الحرص على اتباع التطور الحديث في التربية والابتعاد عن التقليد العقيم الذي ترسخ بشكل عميق في أذهان البعض.
التربية المنزلية ودورها الفعال
نظرًا لأن التربية هي المتحكم الرئيسي في طبيعة ونشأة الطفل، كانت هي السبب الأساسي وراء العنف، لابد من الاهتمام البالغ بها والحرص على تنفيذ كافة جوانب التربية السليمة، مع الابتعاد عن الأساليب العنيفة داخل نطاق الأسرة.
سن قوانين لحماية المرأة
الحرص على سن عدد من القوانين التي تخص حماية المرأة، والعمل على تنفيذها بدقة، لمنع هذا القمع والتعنيف ضد المرأة من أجل خوف المعتدين عليها من فرض العقوبات الرادعة عليهم، وإن كانت موجودة لابد من ادخال بعض التعديلات الصارمة عليها لتكون أكثر جدية عن ذي قبل.
إقامة مشروعات نسائية تدعم دورها المجتمعي
حرص الدولة على انشاء مشروعات للمرأة، ليس بشرط أن تكون حاصلة على قدر كافي من التعلم، ولكن يمكن مشركتها بدور فعال في المجتمع من خلال مشروعات يدوية ونسائية لا يدخل فيها عامل التعليم، من أجل التحرر من قيود تبعيتها للرجل.
توعية المرأة ضد العنف
لابد من تأهيل المرأة وتوعيتها بدورها في المجتمع، وعدم اهمالها لحقوقها لنشر الوعي وتمكينها من الحصول على حقوقها بالكامل، مع إضافة حزمة من القوانين الصارمة التي تلزم المرأة بالتعليم للنهوض بمستواها الفكري في المجتمع.
الرقابة من قبل الدولة ووسائل الاعلام
حيث أن تلك الوسائل تلعب دورًا هامًا في نشر الوعي وترسيخ المبادئ الهامة في توعية المرأة بدورها، وحقوقها على الفرد والمجتمع، ولكن أحيانًا من ناحية أخرى يمكن أن تكون السبب في نشر الوعي الخاطئ ضد المرأة، لذا لابد من تدخل الدولة بدور رقيب على تلك الوسائل وردع السلبي منها، الذي يحرض على العنف ضد المرأة.
اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة
لقد تم تخصيص يوم محدد من السنة، على أن يكون يوم 25 تشرين الثاني، لأن يكون اليوم العالمي للقضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، من خلال اجراء بعض البحوث التي تشتمل على التعاون ما بين الوكالات غير الحكومية وبعض المنظمات.
من أجل إدراك حجم العنف الواقع على المرأة، ومحاولة تعديله قدر المستطاع، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية المرأة في جميع أنحاء العالم من تفشي تلك الظاهرة الشرسة ضدها، والعمل على التصدي لها بكل الوسائل العلمية الحديثة.
شاهد أيضًا: ما هي الشخصية البارانوية وأنواعها والأعراض ؟
بهذا قراءنا الأعزاء نكون قد تعرفنا على معنى ظاهرة العنف ضد المرأة، ومدى ما تسببه للفرد والمجتمع من آثار سلبية، واهدار لدور المرأة التي هي جزء لا يتجزأ من المجتمع، وتعرفنا أيضًا على سبل العلاج التي يمكنها تحرير المرأة من تلك القيود السيئة.
آخر التعليقات
عبدالجواد | دعاء لجلب الرزق والمال وسد الديون مهما كانت ديونك
ميدو | خطواط فتح حساب بنكي في بريطانيا.. إليك أهم الإجراءات